المراد بالمشاحن الذي لا يغفر له
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله. الليلة ليلة النصف من شعبان وفي الحديث: أن الله يغفر لعباده جميعا إلا لمشرك أو مشاحن. أليس من الطبيعي أن أحمل مشاعر كره لمن آذاني، أكون حزينة ومظلومة ومقهورة من كثر الظلم الواقع علي ولا يغفر الله لي لأنني لا أسامح . أليس العفو مقرونا بالمقدرة؟. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها؟. هل يعتبر المظلوم مشاحنا؟. أفتني جزاك الله خيرا.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
بيان هذا في نقاط :
1. حديث :«يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك، أو مشاحن». لا يصح عن النبي ﷺ، فهو ضعيف كما بينا قبلا (هنا).
2. صح عن النبي ﷺ قوله :«تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا». [صحيح مسلم (8/ 11 ط التركية)]. فمن العجيب أن يركز الناس على حديث النصف من شعبان -مع ضعفه- وينسون هذا الحديث الذي فيه أن الأمر يتكرر كل اثنين وخميس!.
3. قوله ﷺ (شحناء) هي البغضاء، والمراد بالذنب الذي لا يغفر هو ذنب المشاحنة لا كل الذنوب، وهذا كمن تاب من الربا، ولم يتب من شرب الخمر، فإن توبته من الربا صحيحة. [مدارج السالكين (1/ 425 ط عطاءات العلم)].
4. الحديث إنما في البغضاء التي لا تستحق، كمن يشاحن أخاه لدنيا، أو أمور تافهة، ولا يدخل في هذا الهجر من أجل الدين، وكذا الهروب من الأذية، فقد هجر النبي ﷺ كعب بن مالك، وأمر رسول الله ﷺ أصحابه أن يهجروه ولا يكلموه، هو، وهلال بن أمية، ومرارة بن ربيعة؛ لتخلفهم عن غزوة تبوك، حتى أنزل الله عز وجل توبتهم وعذرهم، فأمر رسول الله ﷺ أصحابه أن يراجعوهم الكلام. وقد مضى على ذلك خمسين ليلة. [صحيح البخاري (6/ 5)]. وهجر ابن عمر ابنه حتى مات [مسند أحمد (8/ 527 ط الرسالة)]. فالذين لا يحل هجرهم هم الذين يأمنهم الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم المصدقون بوعد الله ووعيده المجتنبون لكبائر الإثم والفواحش. [الاستذكار (8/ 294)]. فمن كان من الفساق أو سيء الدين، أو يتسبب في أذيتك، فهذا لا يدخل في من حرم هجرهم ولا في المراد بالمتشاحنين.
المجيب : د. قاسم اكحيلات.