التضخيم النسوي للمصطلحات.
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حياكم دكتور قاسم، نسأل الله لكم الشفاء العاجل. سمعت خطيب الجمعة يتحدث عن النساء في زمن النبوة، وأنهن كن طبيبات ومحتسبات ومجندات.. فهل فعلا كانت النساء مجندات في عد النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
من الأمور التي يجب التنبيه عليها أن الخطاب النسوي وبعض شيوخه يوظفون مصطلحات معاصرة ذات وقع إعلامي للتضخيم والتهويل، فيُسقطونها على وقائع زمن النبوة إسقاطًا يوهم بواقع لم يكن موجودًا.
فتجدهم مثلًا في مسألة أن بعض نساء الصحابة كن يداوين الجرحى، يعبرون عن ذلك بقولهم: "دكتورات" أو "طبيبات (هنا)"، فيتوهم السامع أنهن درسن في جامعات، وسافرن وحدهن، وركبن الطائرات والحافلات، واختلطن بالرجال لسنوات بينما الأمر لا يتجاوز ما تفعله اليوم بعض النساء في البوادي، أو ما تفعله أي أم أو زوجة من إسعاف جريح في بيتها، وهو ما يمكن وصفه بـ"الإسعافات الأولية" التي لا تحتاج إلى دراسة أكاديمية ولا إلى اختلاط أو سفر بلا محرم.
وكذلك تعبيرهم عن استشارة النبي ﷺ لأم سلمة في موقف واحد بلفظ "مستشارة"، حتى يُخيَّل أن لها منصبًا سياسيًا ومكتبًا وسائقًا شخصيًا! بينما الواقع أن الأمر مجرد مشورة في واقعة واحدة.
وأما مصطلح "مجندات" فذلك من أقبح التعبيرات، لأنه يوحي بوجود تدريبات عسكرية يومية ولباس رسمي، والحقيقة أنها مواقف محدودة من الدفاع عن النفس (هنا)، فأم كبشة رضي الله عنها حين استأذنت النبي ﷺ أن تغزو معه فقال :«اجلسي، لا يتحدث الناس أن محمدًا يغزو بامرأة» [الطبقات الكبرى 10/291]. فيكف يزعم أحد بعد هذا بوجود مجندات؟!.
وكذلك وصف بعضهم الشفاء بأنها "محتسبة (هنا)" في السوق زمن عمر رضي الله عنه، وهي دعوى لا سند لها، أو زعم أن خديجة رضي الله عنها كانت "رائدة أعمال"، فرغم أن الخبر لا أصل له، فالذي ورد هو أنها كانت مضاربة (هنا) لا غير.
التهويل والانتقائية في عرض الأحداث يراد منه تضخيم دور المرأة في سياق لم يكن موجودًا بتلك الصورة، لفرض تصورات معاصرة تخدم الفكر النسوي ومن تأثر به.
المجيب : د. قاسم اكحيلات.